تصلح صفحة هذا الأسبوع أن تكون تحت عنوان البحث المضني لموطئ قدم عربية في السينما العالمية، طالما أن المقال الرئيس كان عن تجربة هاني أبوأسعد وإخراجه فيلماً هوليوودياً، بينما تمضي الأسطر التالية في تتبع فيلم The Father and The Foreigner «الأب والغريب» (وقد عرض في سينما ريل - دبي)، طبعاً أضع العنوان بالانجليزية لكن الفيلم إيطالي من إخراج ريكي تونازي، ويلعب البطولة فيه عمرو واكد وهو يتكلم بالإيطالية هذه المرة (رافضاً دوبلاج صوته)، إلى جانبه الإيطالي أليخاندرو غوسمان، مضافاً إليهما مشاركة نادين لبكي في دور صغير.
مع «سيريانا» 2005 بدأ حضور واكد العالمي، وهو يتنقل من دور إلى آخر في أفلام عالمية كثيرة، ولعل آخر تلك الأفلام هو «صيد السلمون في اليمن» من إخراج الانجليزي لاس هالسترون صاحب أفلام مثل «شوكولا» و«كاسنوفا» وغيرهما، وهناك الكثير من الأدوار التي تنتظر هذا النجم المصري الذي يخوض أيضاً غمار تجارب انتاجية تسعى لتقديم تجارب جديدة سينمائية شبابية، عدا عن كونه ناشطاً سياسياً كان حاضراً على الدوام حتى قبل ثورة يناير التي شارك فيها بقوة، ومازال حاضراً كناشط سياسي إلى جانب جهوده الفنية.
فيلم «الأب والغريب» يحمل الكثير مما سنشاهده في عنوانه، فهذا الأب الذي لا يكون في البداية إلا دييحو (غوسان) لا شيء في حياته المتوقفة إلا ابنه المصاب بالتوحد، الأزمة التي تهيمن وتحكم قبضتها عليه، الأمر الذي سيتغير تماماً مع حضور وليد (واكد) في حياته، رجل الأعمال السوري الثري، الذي يتعرف إلى دييجو كون ابنه أيضاً يعاني توحدا وتشوها ولاديا ويخضع للعلاج في المركز نفسه الذي يخضع للعلاج فيه ابن دييجو، ولتنشأ بينهما صداقة تبنى على مأساة كل واحد منهما، والتباين بين تعامل كل واحد منهما.
الاختلاف الثقافي، كما سيقول لنا الفيلم، سيكون عامل نجاة لدييجو، وهنا ستنقلب الأدوار وسيكون وليد هو نقطة ارتكاز الفيلم الرئيسة في كل ما سنشاهده، وليتحول إلى «الدينامو» الدرامي طالما أنه سيغير كثيراً من مقاربة دييجو لابنه، حين يقع على الكيفية التي يتعامل بها وليد مع ابنه وهو يضمه ويقبله ولا يخرج عن قوله له «حبيبي» إلا ليتبعها بـ«نور عيني»، كما أن وليد سيحمل الكثير من الغموض والعوالم الغرائبية التي تغري دييجو بالانغماس بها، وهو لا يلقى من وليد إلى المشاعر الفياضة والحب. أعود إلى الاختلاف الثقافي وأقول إنه رهان الفيلم الرئيس، ومن ثم بعض التشويق المتعلق بارتباط وليد بأجهزة استخباراتية عربية ومن ثم ملاحقة الاستخبارات الإيطالية لدييجو كونه صديقه، وما إلى هنالك من أحداث عليها أن تبقى ملتصقة بمن هو عربي، مضافاً إليها «الخصوصية المشرقية» التي علينا أن نطالعها في الفيلم، حين يمسي كل شيء كما لو أنه خارج من ألف ليلة وليلة، كما هو الحال في تلك الحفلة العجيبة أو الرقص الشرقي الذي سنكتشف مع نهايتها أنها مقامة كعزاء لوفاة ابن وليد. وفي هذا السياق سأقتبس مقطعاً من المؤتمر الصحافي الذي تبع هذا الفيلم أثناء عرضه في مهرجان القاهرة السينمائي ،2010 والمقطع مأخوذ من صحيفة «المصري اليوم»: «وانتقد أحد الحضور عدم دراسة الثقافة العربية بشكل كاف بسبب مشهد الاحتفال الذى تزامن مع وفاة الطفل (يوسف)، وهو ما رد عليه واكد: اعترضت على ذلك المشهد أيضاً، لكنهم أبلغوني بأن بعض القبائل في سورية تقيم عزاء مبهجاً وليس حزيناً، وبحثت بنفسي في الأمر، ووجدته حقيقياً، وإذا نظرنا من منظور إسلامي، سنجد أننا نتبع عادات فرعونية ونخلط بينها وبين التقاليد الإسلامية». أترك ما تقدم بين أيديكم لتبحثوا أيضاً، فأنا بحثت ولم أجد شيئاً من هذا.