عدد المساهمات : 364 تاريخ التسجيل : 01/01/2012 العمر : 48
موضوع: مهرجان «كان» السينمائي 2012: المرأة تبحث عن الحب الجمعة 8 يونيو 2012 - 10:45
رغم الغياب الصريح للمخرجات في عروض المسابقة الرسمية لمهرجان «كان» السينمائي الدولي في دورته الخامسة والستين الا ان حضور قضايا المرأة ظل عامرا بالتفرد. حيث شكل حضورها محورا اساسيا في عدد من الافلام التي تنافست على الجوائز الاساسية هذا العام. الحديث عن حضور المرأة وقضاياها في مهرجان «كان» هو حديث عن محور ونهج. حيث من النادر ان يدير هذا الملتقى السينمائي الاهم ظهره لقضايا النصف الآخر للمجتمع حتى في ظل غياب المخرجات. وهو أمر يعرفه العالم فقلة المخرجات. تبدو ظاهرة لا تقتصر على بلد او منطقة. وهو الغياب يعود لاسباب كثيرة اولها صعوبة هذه المهنة التي تتطلب كثيرا من الجهد الفكري والجسدي. وايضا اللهاث طويلا من اجل جمع الكلفة الانتاجية ومحاولة اقناع هذه الجهة او تلك بالفكرة والمضمون وهكذا تنسحب الكثير من النساء للوقوف امام الكاميرا بدلا من الجهد والتعب خلفها. ولكن هذا لا يمنع من وجود كم غير قليل من المبدعات الحقيقيات في عالم الفن السابع ونشير هنا الى ان المخرجة النيوزيلندية «حين كامبيون» هي اول مخرجة تفوز بالسعفة الذهبية لمهرجان «كان» عن فيلمها «درس بيانو». ومع الغياب الواضح والصريح. نذهب الى مضامين الافلام التي قدمت في المسابقة الرسمية والتي تشكل مصادر عدد من القارئات وهنا في المحطة الاولى نتوقف عند «المرأة». النظرة الاولى تجعلنا نكتشف الحاجة الاساسية عند المرأة في البحث عن الحب كنوع من الامان والسلام والدافع صوب المستقبل. ودعونا نطوف مع ابرز الافلام والشخصيات النسائية حيث يأتي في المقدمة فيلم «الصدأ والحب» للمخرج الفرنسي جاك اوديار. الذي يذهب بنا الى عوالم شاب يبحث عن العمل فينتقل من شمال فرنسا الى جنوبها. وهناك يلتقي فتاة ثرية ولكنه بعد ايام يعود للقائها فيجدها وقد أقعدت بعد ان تعرضت لحادث حيث كانت تعمل وتقدم استعراضاتها مع الدلافين. فاذا بأحد الدلافين يهبط عليها بكل ثقله عندها فقدت قدميها. تجسد الشخصية النجمة الفرنسية «ماريون كوتيارد» الحاصلة على اوسكار افضل ممثلة عن فيلم «الحياة الوردية». وتظل تلك الفتاة تناضل من اجل ان تتجاوز عجزها في البحث عن الحب. وهي ترضى بهوس صديقها العاشق للملاكمة والدخول في نزاعات شرسة حادة انه بحث مشترك عن الحب من اجل السلام الذاتي والنفسي ومحاولة الوصول الى فعل مستقبلي يتجاوز حالة العجز والسكون والموت البطيء. وفي الفيلم المصري «بعد الموقعة» ليسري نصر الله والذي عرض ايضا في المسابقة الرسمية بعد 15 عاما من غياب المشاركات العربية والمصرية عن المسابقة الرسمية في ذلك الفيلم هنالك عدد من الشرائح النسائية. وهي في الغالب تبحث عن الحب على خلفية احداثيات ثورة 25 يناير. الشرائح النسائية في هذا الفيلم تبدو رغم قوتها ومقدرتها على التغيير كما في شخصية «ريم» منه شلبي الا انها تظل بأمس الحاجة الى الحب. حتى انها تنهزم في لحظة ما امام مداعبات من تطلب منه الطلاق في عدد من المشهديات ليأتي ذلك المشهد الخارج عن اطار البناء الدرامي لنشاهدها وهي ترضخ لمداعبة. حتى وهي تذهب الى الحب مع الآخر والمتمثل بشخصية باسم سمرة نجد باننا امام علاقة غير سوية او منطقية اجتماعيا وفكريا كل ذلك من اجل البحث عن السلام النفسي. وهكذا الامر مع شخصية «فاطمة» التي قدمتها ناهد السباعي. تبدو هي الاخرى تتنازل عن كل شيء مقابل ان يظل زوجها بل انها تدعو الفتاة «ريم» لان تشاركها زوجها. وهذا امر نادر خصوصا في حالة الشريحة الاجتماعية والمنطقة التي تنتمي اليها. هذا البناء الدرامي الهش للشخصيات جعلها تذهب في اتجاهات غير منطقية وان ظل هاجس البحث عن الحب هو الاساس ولكنة يظل بحثا هشا يحمل الاتهام للشخصيات اكثر من تحقيق الثراء لها. وفي الفيلم النمساوي «الجنة» للمخرج النزق الريش سيدل. نحن امام شخصية «تريزا» التي قدمتها بتميز واضح وثري الممثلة «مارغريت تيسل» والتي تعمل كمدرسة لطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة. تذهب في اجازة خاصة الى كينيا بحثا عن الحب. حتى لو كان الحب العابر ومقابل المقابل حديث عن الجمود العاطفي والموت الاجتماعي في اوروبا. لان جميع الشرائح التي نشاهدها لاحقا هي لمجاميع من السيدات الاوروبيات اللواتي جئن يبحثن عن الحب في تلك الجنة الملئية بالرجال الشاب. الذين يقدمون الحب بالمقابل. كما هو الامر بالنسبة للرجال الذين يشدون الرحال الى العديد من دول شرق آسيا. ومن خلال تلك الرحلة يعري سيدل المجتمع الاوروبي والعلاقات الاجتماعية الاوروبية وايضا حكاية البحث عن الحب وتلك الرحلات السياحية التي تجعل نساء اوروبا انهن يذهبن الحب فاذا بهن امام مهنة.. ومتاجرة بهن وبمفردات النقص لديهن. شخصية كبيرة واداء عال المستوى واتهامات صريحة مباشرة لاوروبا ونسائها. وننتقل الى الفيلم الروماني «خلف التلال» لكرستيات مينجيو «الذي وان جاء مشبعا بالمواجهة مع المؤسسة الدينية الكنسية الا ان المحور يظل يتحدث عن الحب. حيث تعود فتاة رومانية من المانيا من اجل البحث عن صديقتها التي ترتبط بها بعلاقة حب «مثلية» والتي تجدها قد دخلت احد الاديرة البعيدة وباتت تؤكد لها انها لن تعود الى تلك العلاقة لانها وجدث الحب الحقيقي الا ان الاحداث تمضي في اتجاهات عدة حتى يقوم عناصر تلك الكنيسة بمن فيهم القديس والراهبات باغتيال تلك الفتاة. التي جاءت تبحث عن الحب «حتى وان اختلفنا معه» لتجد الموت من قبل المؤسسة الكنسية. ونصل الى حب آخر في فيلم «حب» للمخرج النمساوي مايكل هينكية وهو يعمل مع السينما الفرنسية. في هذا الفيلم نحن امام شخصية «انا «للنجمة الكبيرة ايمانويل ريفا امرأة في النصف الثاني من الثمانينيات من عمرها متزوجة وتعيش حياة هادئة بين عوالم الموسيقى حيث تدرس مع زوجها الموسيقي الكلاسيكية. حب كبير جعل تلك العلاقة تصمد وتستمر لاكثر من ستة عقود من الزمان. وحينما يأتي المرض. يزهر ذلك الحب ويبر. ولكن مرضها العضال يذهب بها الى التعب الجسدي ثم الشلل. المقرون بالالم والتعب. كل ذلك يقابله زوجها بالتضحيات الكبيرة. والعمل على رعايتها والسهر عليها. الان انه ومن منظور الحب الكبير يتألم لألمها. ويحزن على الحالة المتردية التي بلغتها حتى انها لم تعد تشعر بأي شيء فكان ان كتب نهاية ذلك الالم من خلال القتل الرحيم حيث يضع الوسادة على وجهها. ليريحها من الالم والمرض ومزيد من التدهور. انه الحب. حتى وان اختلفنا مع اسلوبه وحلوله. ونذهب الى فيلم «موزع الصحف» للاميركي لي دانييلز الذي يقدم لنا حكاية صحافي وشقيقة يبحثان عن ملابسات اغتيال شرطي فاذا بهما يرصدان كما من الحكايات لعل ابرزها دور بائعة الهوى التي تقدمها نيكول كيدمان من خلال شخصية «شارلوت «التي تحاول جهودها من اجل اخراج المتهم باغتيال الشرطي. وهي تعرف بانه مجرم ولكنه الحب الذي تريده والحب الذي يوصلها الى ان تلقى حتفها على يد من تحب. عبر صياغة درامية عالية وتمثيل جعلنا نيكول امام نشعر بمساحة التطور في اتقان حرفتها ومعايشتها للشخصية بجميع تفاصيلها التي تصل حد الجنون في احيان كثيرة. انه البحث عن الحب. الذي شكل معطيات الشخصيات النسائية في عروض مهرجان «كان» السينمائي الدولي لعام 2012.