مصراوى سات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مصراوى سات

جميع ما يطرح بالمنتدى لا يعبر عن رأي الاداره وانما يعبر عن رأي صاحبه فقط
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
                           مرحبا بك صديقنا زائر
مصراوى سات                                                                                                        آخر زيارة لك كانت الخميس 1 يناير 1970
عدد مساهماتك 5

 

 تطور الحركة الصليبية في الغرب الإسلامي

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
اروه

اروه


عدد المساهمات : 1158
تاريخ التسجيل : 12/04/2012
العمر : 25

تطور الحركة الصليبية في الغرب الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: تطور الحركة الصليبية في الغرب الإسلامي   تطور الحركة الصليبية في الغرب الإسلامي Emptyالأحد 22 يوليو 2012 - 2:52

تطور الحركة الصليبية في الغرب الإسلامي

كانت
الأندلس في البداية تحت السيطرة الغوطية إذ نجح الغوط الغربيين من إقامة
دولة لهم فيها بدلاً عن الوندال( ). في حين كان المسلمون قد سيطروا على
المغرب – ولاية أفريقيا، وخلال عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك
86-96هـ/705-714م، وبدأت عملية الفتح
الإسلامي إلى
الأندلس، عندما أرسل والي المغرب موسى بن نصير( )، القائد طارق بن زياد( )
إليها، وحقاً استطاع الأخير، عام 92هـ/710م، من هزيمة الغوط الذين كانوا
برئاسة ملكهم لذريق( )، وفي عام 93هـ/711م، توجه موسى بن نصير إلى الأندلس،
بجيش قوامه ثمانية عشر ألف مقاتل، ويبدو أن هدفه كان مساعدة طارق بن زياد
في الفتح، لأنه قصد المناطق والأماكن التي لم يتوجه إليها سابقه، في الشمال
الغربي من البلاد ( ). ولذلك استطاع المسلمون من بسط حكمهم على معظم
أسبانيا، إذ وصلت قواتهم إلى مدينة خيخون الواقعة على
خليج
بسكاية – بسقاية في أقصى شبه جزيرة أيبيريا، أما من ناحية الشمال الشرقي
فقد أمتد حكمهم إلى جبال البرت تاركين الشريط الحدودي في أقصى الشمال
الغربي، دون فتح، ويبدو
أن المسلمين في بداية الفتح
اقتنعوا بمصالحة سكانه، على شرط أداء الجزية لهم. ولهذا توقفت القوات في
عهد موسى بن نصير عند جليقية( )، بعد مصالحة سكانها، وبخاصة أن الخليفة
الوليد
بن عبد الملك، كان قد طلب منه عدم مواصلة عملياته العسكرية، والقدوم إليه(
). وهو خطأ وقع فيه المسلمون لأن عدم بسط سيادتهم عليها، جعلها تكون
ملاذاً لأعدائهم، والهاربين من مطاردتهم، فأصبحت النواة الأولى للمقاومة
النصرانية ( ).
كانت المقاومة الأسبانية قد تجمعت في ناحيتين من البلاد،
الأولى في هضاب كانتبريه - نافار( ) وبسكونية في الشرق -، والثانية في
هضاب أشتوريس( ) في الغرب( ). وكانت الجماعة الأولى، برئاسة بطره أوبتروس
(Pedro)، من قادة الغوط العسكريين، ولكن إمارته التي شكلها، كانت في موضع
لا يمكنها مواجهة المسلمين، لأنها وبحكم موقعها الجغرافي، في الجانب الغربي
من جبال البرت، في سهول نافار وبسكونيه معرضة لهجمات الجيوش الإسلامية،
المتجهة إلى جنوب فرنسا والقادمة منها. أما الثانية فمثلت أهمية كبيرة،
لأنها ذات موقع جغرافي مناسب، وهو المنطقة الجبلية ذات التضاريس الصعبة،
وإلى هذه المنطقة تحصن فلول الغوط الغربيين الهاربين من المسلمين، وبخاصة
بعد أن بسط المسلمون نفوذهم، في عام 95هـ/713م على شمال الأندلس( )، وتحصن
هؤلاء في مغارة تسمى كوفادونجا (Covadonga)، الواقعة في سلسلة جبال
كانتبريه، وأطلق المسلمون على مكانهم أسم صخرة بلاي، وجعلوها في جليقية( )،
وتولى رئاسة هذه الجماعة شخص يدعى بلاي، اختلفت الآراء في شأنه، فمنهم من
جعله ابن دوق فافيلا حاكم كانتبريه، أو من أصل قوطي نبيل( )، ومنهم من جعله
من سكان جليقية، وذكر أنه وقع في قبضة المسلمين، وأحتجز في قرطبة، لكنه
تمكن من الهرب منها عام 98هـ/716م، وقصد منطقة أشتوريس. وقطن منطقة كانجادي
اونيس (Cangas)، إذ جمع دولة بقايا الغوط، وقسم من الأيبيريين والرومان
الساكنين في هذه المنطقة. ومن مقره هناك بدأ بالتحريض ضد المسلمين، فتعقبه
منوسه ( )القائد البربري المسلم، ولكن بلاي وأتباعه لاذوا في منطقة الصخرة(
).
ويبدو أن المسلمين شعروا بعدم أهمية هؤلاء، لأنهم كانوا لا يشكلون
خطراً عليهم، وبخاصة بعد أن ضيقوا عليهم كثيراً، إذ هلك معظم أنصار بلاي
بسبب حصار المسلمين لهم،
ونقص عددهم من ثلثمائة رجل إلى
ثلاثين رجلاً وعشر نساء فقط، وهو ما جعل الولاة يستهينون بهم لقلة عددهم
بقولهم (ثلاثون علجاً ما عسى أن يجيء منهم)( ).
المهم أن بلاي وضع
النواة الأولى، لأول دويلة نصرانية في الشمال الغربي وأنحاز إليه قسم من
القساوسة ورجال الدين النصارى، الذين فضلوا البقاء على ديانتهم، وعدم
الاختلاط بالحكم الجديد، وهنا عمدوا إلى التبشير بديانتهم، مما أعطاهم
طابعاً جديداً، وهو الملامح النصرانية ( ).
بعد إكمال الفتح في الأندلس،
حاول المسلمون في عهد موسى بن نصير استكشاف المنطقة الواقعة في شمال
الأندلس، وعبرت قسم من الحملات لمعرفة طبيعة المنطقة فيما وراء جبال البرت –
هي مجموعة جبال فاصلة بين الأندلس وفرنسا وفيها خمس ممرات ضيقة للعبور بين
البلدين – وتوقفوا عند قرقشونه( )، ثم واصل الوالي عبد العزيز بن موسى
بقواته إلى أربونة( )، وفيما يبدو أن المسلمين خلال المدة ما بين
95-100هـ/713-718م، قادوا قواتهم باتجاه جنوب فرنسا – التي كانت تسمى بلاد
غاله -، وفعلاً نجحوا في الوصول إلى أربونة ( ).
ولكن العمل العسكري الحقيقي، لم يبدأ إلا بعد ولاية السمح بن مالك الخولاني على الأندلس
100-102هـ/718-720م،
وعرف عن الوالي الجديد بقوة أيمانه، ولهذا باشر نشاطه العسكري، كونه
جهاداً في سبيل نشر الإسلام، وحقاً نجح في فتح أربونة عاصمة سبتمانية ( )،
ثم واصل تقدمه في غاله حتى وصل إلى طولوشة( ) Toulouse ( )، والتي كادت
تسقط بيده، لولا تدخل حاكم أكيتانية (اقطانيه) الدوق أودو، وحدثت بالقرب من
المدينة، معركة شديدة أسفرت عن هزيمة المسلمين، واستشهاد قائدهم في عام
102هـ/720م، فانسحبوا برئاسة عبد الرحمن الغافقي إلى أربونة( ). وحين اختير
عنبسه بن سحيم الكلبي والياً على البلاد 103-107هـ/721-725م، عمد إلى
إقرار حكمه في داخل الأندلس، ثم واصل سياسة الفتح في غاله الفرنسية، وبسط
السيادة الإسلامية على نيمس( ) Nimes، واوتون( ) Autun، ثم قصد سانس Sens-
تقع إلى جنوب فرنسا، على مسافة ثلاثين كيلومتر إلى جنوب باريس – حيث توقفت
قواته. إذ واجهت القوات الإسلامية، مقاومة عنيدة وقوية، من أسقف مدينة سانس
المدعو أبيون Ebbon، الذي أثار الحماسة الدينية لدى الناس وأتباعه من
الرهبان في إيقاف زحف المسلمين، وذكرهم بأنه لن يترك الدير الذي يقطنه، وأن
من قتل في مواجهة الأعداء، فأنه ينال الشهادة ( ). ويبدو أن هذا التقدم
السريع لدى عنبسه، أفزع النصارى، مما دفع هذا الأسقف إلى اعتماد تأثيره
الديني، والتأكيد
على إثارة الهمم في القتال. ثم أنسحب
عنبسه الكلبي، إذ لقي حتفه في طريق عودته إلى الأندلس، في معركة مع جموع من
الإفرنج، عام 107هـ/725م( ). ثم توقفت العمليات العسكرية،
بين عامي 107-112هـ/725-730م، بسبب قصر فترة حكم الولاة، مما خلق
اضطراباً
في الوضع الإداري، وعلى الرغم من ذلك حملت القوات الموجودة في قاعدة
أربونة مسؤولية حماية المكاسب الإسلامية التي حققت في غاله، وواصلت الجهاد
أيضاً( ).
إن اضطراب الوضع العام في الأندلس وعدم وجود والي حازم ساعد
بلاي، في الدفاع عن منطقة حكمه من المسلمين، ولكن تنامي دور هذه الفئة أشعر
والي الأندلس الهيثم بن عبيد الكناني( )، في عام 111هـ/729م، إلى مواجهتهم
والقضاء عليهم ولكن محاولته لم تستطع القضاء عليهم بشكل نهائي، كما حاربهم
منوسه حاكم أشتوريس( ).
ثم نهض المسلمون مرة أخرى بقيادة الوالي عبد الرحمن الغافقي 112-114هـ/
730-732م،
وكان الوالي الجديد من المتحمسين دينياً للجهاد في سبيل الله . وباشر
بعملياته العسكرية باتجاه فرنسا، ودانت له مدينة (أرل( ))( ). ثم سار إلى
مدينة (تور( ))( ).
إزاء ذلك أرسل أودو إلى شارل مارتل( )
69-124هـ/688-741م، طالباً المساعدة، ولم يتردد الأخير عن نجدته، وبخاصة أن
إقليم برغنديا الذي يقع شرق فرنسا سبق أن هاجمه المسلمون في ولاية عنبسة
الكلبي( ).
كان شارل مارتل راغباً في السيطرة على إقليم أكيتانية،
إضافةً إلى أَنّ الخطر الإسلامي في عهد العافقي، صار عاملاً هدد حتى مصير
الدولة الميروفنجية في فرنسا ولهذا سارع في مد يد المساعدة إلى أودو، وكوّن
جيشاً كبيراً، بعد أن أستدعى المقاتلين من بلدان أوربية عدة، من فرنسا ومن
حدود الراين( ). وأنظم إليه المقاتلون من الألمان والسلاف والسكسون،
والفرنج ومن مختلف العشائر الجرمانية بل حتى المرتزقة الذين قدموا من وراء
الراين والغوط( )، ويبدو أن أهمية هذه المعركة الفاصلة، هي التي دعت إلى
تحالف أوربي واسع، جاءت قواته من مختلف أنحاء أوربا، وانضمت تحت قيادة شارل
مارتل القائد الأعلى في مواجهة المسلمين. وسار شارل مارتل قاصداً
المسلمين، الذين كانوا قد فتحوا بواتية، والتقى الجمعان في مكان بين شاتلر
وبواتيه، حيث دارت المعركة بين الجانبين. واستمرت ثمانية أيام( )، قام
خلالها دوق أكيتانية بالهجوم على مؤخرة الجيش الإسلامي، الذي ضم النساء
والأطفال، ثم غادر المسلمون أرض المعركة، مستفدين من قدوم الليل، على أثر
استشهاد قائدهم، وذهبوا إلى قاعدتهم في أربونة، بعد أن فقدوا الكثير من
قواتهم، ورجع شارل مارتل عنهم دون أن يتعقبهم، خوفاً على أنفسهم من وجود
خطة للإيقاع بهم( ). وسميت المعركة باسم بلاط الشهداء، وتكمن أهمية المعركة
في أنها أخفقت في فتح فرنسا، ويبدو أن الغرب الأوربي عندما وقف مجتمعاً ضد
المسلمين، كانوا يدركون أن نجاح المسلمين في معركتهم معناه، أن فرنسا سوف
تكون مثل الأندلس، وسوف يحل الدين الإسلامي محل النصرانية، وبخاصة أن عامل
الجهاد في سبيل الله، أعطى حماسة دينية إلى المجاهدين لنشر الإسلام في بقاع
أخرى خارج الأندلس، ولذلك يمكننا القول إنَّ التحالف الأوربي بقيادة شارل
مارتل، كانت فيه أسباب دينية أيضاً، لأن معركتهم مع المسلمين في بلاط
الشهداء، سنة 114هـ/732م، وضعت مصيرهم النهائي فيها ( ).
حفزت تراجع
المسلمين، في عام 114هـ/732م، القبائل الفرنسية والبشكنس، على الخروج عن
الطاعة، مما دفع المسلمين إلى إخضاعهم، وبادر عبد الملك بن قطن في فترة
حكمه سنة 114-116هـ/732-734م، إلى إعادتهم إلى الطاعة ( )، وأجتاز جبال
البرت إلى لانجدوك في فرنسا، حيث عمل على تدعيم الوجود الإسلامي في المناطق
التي فتحت هناك( ). وحين عين الوالي عقبة بن الحجاج السلولي
116-123هـ/734-740م، وجه قواته إلى قتال بلاي، واستطاع الحد من توسعه، إذ
وصلت قواته إلى معظم أنحاء جليقية عدا الصخرة، وطارده القائد علقمه اللخمي
وحاصره في مغارة أونجه إلا أن الأمور لم تسِرْ في صالح المسلمين؛ لأن
أعدائهم انتصروا عليهم( ). ويبدو أن هذا النشاط العسكري للوالي أفلح في
السيطرة على الجبهة الداخلية، وإضعاف جماعة بلاي، وكان ذلك من أجل التفرغ
للعمليات العسكرية في جنوب فرنسا التي تزايدت في عهده، ونجح حاكمه على
أربونة يوسف بن عبد الرحمن الفهري( )، من استقطاب حكام سبتمانية وبروفانس( )
Provence، الذين كانوا يخشون من أطماع حاكم أكيتانية أودو وشارل مارتل في
أملاكهم، وبذلك امتد النفوذ الإسلامي في أرجاء بروفانس. ولأن الوالي عقبة
كان من المتحمسين إلى الجهاد، ونشر الدين الإسلامي، واصل عملية التوسع، في
سنة 117هـ/735م، حيث دانت له كافة مناطق أرل وبروفانس، وأغار على دوفينية( )
Dauphine وسان بول تروا – شمال بروفانس – ودونزير( ) Donzere وبرغنديا، بل
تعرض إلى أملاك شارل مارتل وهاجم دوفينية وبيدمونت( ) في إيطاليا( ). إزاء
هذا التقدم العسكري الناجح سارع شارل مارتل إلى التصدي لهم، وعقد تحالف
بينه وبين الحاكم الإيطالي لويتبراند، حاكم لومبارديا، وحضر شيلدبراند شقيق
شارل مارتل لمساعدتهم، وتمكنوا من السيطرة على معظم مناطق (أفنيون( ))( )،
ثم هاجموا أربونة، التي فقدت اتصالاتها بمقر الولاية، بسبب المقاومة
النصرانية في جبال البرت، حيث كانت جماعة نصرانية برئاسة الدوق بطره
الواقعة في الطريق الغربي من جبال البرت، في سهول بين نافار وبسكونية تقود
المقاومة، ولعلها كانت على علم بأخبار حصار أربونة، وشجعها ذلك على معارضة
الحكم الإسلامي، ودعم أقارنهم المهاجمين، ورغم وصول المساعدة العسكرية
بحراً لإنقاذ المدينة إلا أنها هزمت، ومع ذلك أخفق شارل مارتل وحليفه
الإيطالي في احتلال أربونة ( ).
الملاحظة المهمة التي وجدت في جيش شارل
مارتل، وجود رجال دين أَسهموا معه في حرب المسلمين، وأبرزهم هينماروس،
مطران أوكسير – مدينة تبعد 170 كيلو متر إلى الجنوب الشرقي من باريس – الذي
كان يقاتل بنفسه، وهو مرتدياً ملابس الأسقفية ( )، وهي نقطة مهمة لأن
وجوده بملابسه الرسمية، ذات المغزى الديني، وحربه مع المقاتلين، دليل على
تحول
الحرب إلى حرب دينية ضد الإسلام والمسلمين في
الأندلس. كما إنها البدايات الأولى لدور رجال الدين النصارى في صياغة مفهوم
الحرب، وذلك على أسس دينية، هادفة إلى إثارة المشاعر الدينية عند النصارى.
كان
الضعف الذي عانت منه ولاية الأندلس في المدة الأخيرة من عهد الولاة، وإلى
قيام عصر الإمارة، وما رافق تلك الفترة الممتدة ما بين 123-138هـ/740-755م،
من فتن ونزاعات بين المسلمين، وبخاصة أن قيام عصر جديد في الأندلس، كان
بحاجة إلى كثير من الجهد في مواجهة الحركات الداخلية من القبائل القيسية
واليمنية وحركات البربر( ).
من جانب آخر كانت الدولة الميروفنجية، قد
انتهى دورها السياسي، وورثتها دولة جديدة عرفت باسم الكارولنجية ( )،
والسمة البارزة في الدولة الجديدة، أنها كانت دولة نصرانية، غلب عليها
الطابع الديني، وعد ملوكها أنفسهم حماة النصرانية، والمدافعين عنها، لهذا
امتازت صلاتها بالبابا بأنها جيدة وعميقة، ولأنها ارتكزت على رجال الدين
النصارى، أثر ذلك على الدور السياسي إلى الدولة، في حمل أعباء المطالب
المرفوعة لهم من البابا، أو عدوا واجبهم الأول حماية النصرانية ومحاربة
أعدائها، والعمل على نشرها، مما شكل طرفاً مهماً في حربهم مع المسلمين( ).
إن
ضعف الحكم الإسلامي في الأندلس في عهد الوالي يوسف الفهري
129-138هـ/746-755م، ساعد بلاي على تأكيد سيادته، حيث نجح في عام
133هـ/750م من الانتصار في معركة كوفادونجا ( ) على المسلمين وتوفي بعد ذلك
بقليل في السنة نفسها ( ). المهم في حركة بلاي أنها مثلت أول تجمع نصراني
صمد أمام المسلمين، واستطاع إقامة نواة
لأول دويلة، إدارة
المقاومة في الأندلس ضد الولاة المسلمين، وشجع انتصارهم في كوفادونجا، على
عدم الانصياع للحكم الإسلامي. وكان للدور الأوربي ضد المسلمين في الأندلس،
دور مهمّ في الضغط عليهم مما فسح المجال للمقاومة الأسبانية أن تثبت
وجودها بعد أن بدأت التحركات العسكرية الخارجية تؤثر على الحكم الإسلامي
فشغلتهم عن السيطرة عن شؤون الأندلس. وكان تنصيب ببان القصير – أو بيبن كما
سمي – حاكماً، ومنحه لقب الملك من البابا، أشار إلى توجه جديد لحرب
المسلمين بدعم بابوي، وبخاصة أن الملك الجديد أستغل ضعف المسلمين،
والمقاومة النصرانية في سبتمانية، في أواخر عهد الولاة ومطلع عهد الإمارة،
إلى مهاجمة أربونة – قاعدة المسلمين العسكرية في إقليم سبتمانية عام
133هـ/750م، وحاصرها مدة طويلة، وبدعم من سكانها النصارى الذين راسلوه،
وساعدوه في الدخول إليها، عندما هاجموا الحامية
العسكرية الموجودة فيها، وبذلك سقطت المدينة، وأبقى فيها جيشاً كبيراً، لحمايتها والدفاع عنها( ).
ولزيادة
الضغط على المسلمين عمد أيضاً إلى تحسين علاقاته بالنصارى في الأندلس،
وتحريضهم على التمرد بالتعاون معه( ). وواصل شارلمان( ) سياسة سلفه في
محاربة المسلمين في الأندلس، وكانت الخطوة الأولى توثيق صلاته بالنصارى في
الأندلس، حتى المسائل الدينية الخاصة بقطالونيا، ارتبطت برئيس أساقفة
أربونة، في حين صارت الشؤون الدينية في منطقة أراغون( )، من اختصاص رئيس
أساقفة اوش( ) من مقاطعة جيرس الفرنسية. بل نجد ان
شارلمان
نفسه كان ينظر في منازعات النصارى الأسبان، والتوسط لهم عند البابا( ).
ودلل هذا على إحرازه مكانة مرموقة، ونفوذ كبير عند نصارى الأندلس.
ومما يوضح انه خطط لإيجاد أنصار مؤيدين له في البلاد المزمع التوجه إليها، بهدف
قتال
المسلمين، وفعلاً أخذ على عاتقه مسؤولية قيادته العسكرية، وأبدى الأمراء
الطاعة له، وقام بتعبئة جهودهم إلى الحرب في الأندلس، وأبدت برشلونة الطاعة
له أيضاً، كما أعلن النفير العام، وحضر إليه مقاتلي مناطق عدة، من ألمانيا
ولمبارديا الإيطالية والفرنسيين( ).
وفي سنة 162هـ/778م، توجه شارلمان
قاصداً الأندلس، على رأس جيش كبير جداً، ويبدو أنه أراد السيطرة على
البلاد، من أجل تأمين حدوده الجنوبية، واجتاحت قواته بنبلونة( ) وفتحها، ثم
هاجم سرقسطة( )، وعمد إلى حصارها، ولكن اضطراب الأوضاع في دولته أجبرته
على الانسحاب والعودة( ). وتعرض عند ممر رنسفاله – أو شرروا – في جبال
البرت إلى مهاجمة قبائل الباسك، ولا يستبعد أن هجوماً مشتركاً قام به
الأخيرين، مع المسلمين بقيادة مطروح وعيشون أولاد حاكم سرقسطة سليمان
الإعرابي، أسفر عن إبادة معظم مؤخرة جيشه، ولقي عدد من قادته مصرعهم ومنهم
قائده رولان في أثناء انسحاب الفرنجة( ). ويلاحظ إن حملة شارلمان،
162هـ/778م، وظف فيها العامل الديني، بشكل شجع النصارى على حشد جيش كبير،
إذ أعلن شارلمان أن القديس جيمس زاره في منامه، ولأربع مرات، وطلب منه
التوجه إلى جليقيةوانتزاعها من المسلمين، ولإثارة الحماسة الدينية، أسربت
رواية مفادها أن جثمان القديس هذا، يوجد في مكان غير معروف في الأندلس، كما
أن البابا نفسه أعطى مباركته إلى حملة شارلمان( )، فهي تحالف عسكري، غلب
عليها الطابع الديني، وهدف أيضاً إلى استغلال تلك المشاعر الدينية عند
النصارى في الحرب. ويمكن إرجاع إخفاق حملة عام 162هـ/778م، إلى سوء تقدير
الأوضاع في الأندلس( ).
وعلى الرغم من إخفاق حملة عام 162هـ/778م، من
تحقيق أهدافها، ظلَّ شارلمان عازماً على وضع حد إلى قوة المسلمين، وحماية
السواحل الأوربية الجنوبية من غاراتهم، ويبدو أن التفوق البحري الإسلامي،
وهيمنتهم على الملاحة، كان سبباً وراء سعي شارلمان في ضربهم، وكسر تفوقهم
البحري، بوساطة خطة واسعة تبدأ بضمان حماية حدوده الجنوبية براً، من خلال
إقامة منطقة إدارية حدودية مع المسلمين في الأندلس، عرفت باسم ماركية
أسبانيا March of Spain، في عام 179هـ/795م، وشحنها بقوة عسكرية متأهبة إلى
الدفاع عنها يمكن أن نسميها بالمفهوم المعاصر – إذا جاز التعبير – (حرس
الحدود). ثم ضم جزر البليار( )، عام 183هـ/799م، إلى حكمه لمنع مسلمي
الأندلس من الاستفادة منها، إذ وقعت بأيديهم كقواعد بحرية إسلامية لمهاجمة
إيطاليا وغاليا( ). إلا أنه لم يلبث أن واجه قوة بحرية إسلامية مثلها حكام
المغرب الأغالبة، الذين فرضوا نفوذهم على القسم الغربي من البحر المتوسط،
وعلى الرغم من تحالفه مع البابا ليو الثالث 179-201هـ/795-816م، وتعاونهم
في كسر هيمنتهم البحرية، وبخاصة بعد سيطرتهم على جزيرة صقلية، واتخاذها
قاعدة للعمليات العسكرية البحرية، أخفقا في ذلك( )، وتعطلت الاتصالات بحراً
بين بيزنطه وإيطاليا وبلاد الفرنجة( ).

وعليه فأن علاقة شارلمان
بالبابوية كانت وثيقة، وكسبت حروبه طابعاً دينياً، وأسهمت مباركته البابوية
لها في إعطائها صبغة دينية مقدسة، حتى يمكن عدها – إذا صح التعبير- حرباً
دينية، ولعل أنشودة رولان، التي سجلت أحداث حملته على الأندلس، عام
162هـ/778م،
دليل آخر في إثارة الحماسة الدينية عند
النصارى، واستغلت في الدعوة فيما بعد إلى الحرب الصليبية. وتصور أنشودة
رولان، مبادئ الشجاعة، والفروسية والدعوة إلى قتال المسلمين،
فهي
ملحمة بطولية، أعدها الشاعر النورماني تيرولد، على لسان تيرين رئيس
الأساقفة، وممن أشترك في حملة عام 162هـ/778م، إلى الولاء لشارلمان بقوله
(ما أروع الولاء لمليكنا) ثم واصل الكلام موجهاً إياه إلى النصارى لتحفيزهم
على قتال المسلمين بالقول:
((المعركة الوشيكة الوقوع، أنتم لها))
((أنكم ترون المسلمين بأعينكم))
((صلوا وتضرعوا لنيل المغفرة))
من أجل طهارة أرواحكم سوف أتضرع

وأشادت بشجاعة رولان – أورولاند –
أن كونت رولاند يتبختر في الميدان
ممسكاً بدندال – سيف –
لقد أوقع بالمسلمين أفدح الخسائر
تراهم واحداً فوق واحد، صرعى كالأكوام
وأعطت القصيدة رولاند نوعاً من القدسية، والتبجيل في الحياة الأخرى بعد الموت، كونه حارب بشجاعة ضد المسلمين ( ).
وارتبط
بالقصيدة أيضاً قصة حج شارلمان إلى الأماكن المقدسة، ومفادها قيام شارلمان
بقيادة النصارى ضد المسلمين، بعد عودة الحياة إليه – النهوض من الموت إلى
الحياة – وأظهرت شارلمان في صورة محارب صليبي، يخوض حروب عدة ضد المسلمين،
ومحققاً انتصارات عدة عليهم، ثم حج إلى بيت المقدس وزار القسطنطينية، وأنه
منح ملكية القبر
المقدس – قبر النبي عيسى عليه السلام – وأن بطريق بيت المقدس أرسل إليه مفاتيح هذا
القبر
المقدس، أي سلم له الزعامة الروحية للعالم النصراني. المهم أن قصيدة
رولاند، وحج شارلمان، أساطير مبالغ فيها، تم أحياؤها في القرن الخامس
الهجري/الحادي عشر الميلادي، من أجل إثارة النصارى معنوياً، وكما ظهر منها
أنها ربطت بين الشرق والغرب، ودعت إلى وحدة نصرانية دينية، لحرب المسلمين(
). ويبدو أن إعطاء حرب شارلمان سمة دينية، جاءت ليس من تأييد البابوية له
فقط، بل كان مدافعاً عنها حتى أنه حارب حاكم لمبارديا الإيطالي، حين تعرض
إلى أملاك البابا، وأخضعه، ثم نجد شارلمان في حروبه مع السكسون لم يقتصر
على هزيمتهم، بل عمد إلى تنصيرهم( ).
وعلى الرغم من فشل شارلمان من
السيطرة على الأندلس، ظلَّ يترقب الفرصة المناسبة للتدخل في شؤون الأندلس،
وبخاصة أن المسلمين تمكنوا في عهد عبد الرحمن الداخل( )
138-172هـ/755-788م، وهشام بن عبد الرحمن( ) 172 – 180هـ/788-796م، والحكم
بن هشام بن عبد الرحمن( ) 180-206هـ/796-821م، من توجيه ضربات قاضية إلى
دويلات النصارى في الأندلس، وصارت الإمارات الشمالية غير قادرة على الصمود
أمام المسلمين أو مجاراتها، مما أضطرهم إلى مهادنتهم( ). ونجح الأمير الحكم
من فتح عدة حصون في نافار، وهاجمت قواته الثغر الأعلى( )، قاصداً المناطق
التي سيطر عليها الفرنسيون في الأندلس المعروفة باسم الثغر الغوطي، وكبدتهم
خسائر كبيرة، كما ضيق عليهم بحراً، ووقع الكثير منهم وأموالهم أيضاً بأيدي
المسلمين( ). ويبدو ان العمليات الحربية الإسلامية، وبخاصة في عهد الحكم
الأول، أثارت قلق شارلمان، ودفعته إلى التفكير في الرد العسكري عليها، ومن
أجل ضمان مساعدة قبائل البشكنس، التابعين إلى حاكم جليقية. وانحاز إليهم
جيوم حاكم طولوشة، وهدف شارلمان السيطرة على برشلونة، من أجل الدفاع عن
حدوده الجنوبية ولاتخاذها، وسيلة اتصال بحري مع فرنسا( ).
ففي عام
185هـ/801م، سار أبنه لويس بالجيش الفرنسي إلى برشلونة، وقسم الجيش إلى
ثلاث فرق، الأولى تهاجم برشلونة، والثانية برئاسة جيوم مقرها بين منطقتي
لاردة( ) وطركونة ( )، والثالثة عند جبال البرت برئاسة لويس، وكان هدف
الجيشين الأخيرين – الثاني والثالث – منع المسلمين من إنقاذ مدينتهم، وقطع
الاتصالات عنها، وبعد حوالي سبعة أشهر من الحصار، سقطت المدينة. وكان فقدان
المسلمين لها خسارة كبيرة، لأنهم فقدوا مركزاً عسكرياً مهماً في الثغر
الأعلى، حوله الفرنسيون مقراً لقواتهم العسكرية، التي صارت تشن منه هجماتها
على مناطق الثغر الأعلى، مثل طركونة وطرطوشة ( )، إذ هاجم الفرنسيون، في
عام 192هـ/807م، طرطوشة، بقيادة لويس بن شارلمان، ورد عليهم الحكم الأول
بإرسال جيش
كبير برئاسة أبنه عبد الرحمن( )، وأسهم فيه
العديد من المجاهدين، لردع عدوان الفرنجة الذين استباحوا أراضي المسلمين،
وأشتبك الجيشان في معركة طاحنة، أنتصر فيها المسلمون، وأبادوا معظم القوات
المعادية، وأنقذوا المدينة من السقوط، وفي سنة 193هـ/808م، أعادت القوات
الفرنسية المحاولة، ولكنها أخفقت أيضاً، ونجح المسلمون عام 196هـ/811م، من
صدهم عنها أيضاً, وهزم المسلمون عام 200هـ/815م تحالف نصراني ولقي قادته
مصرعهم، ومنهم شانجه فارس بنبلونة وغرسيه بن لب خال الفونسو، وأحد القادة
الفرنسيين المدعو وصلتان( ) فارس المجوس( ). ثم تراجعت العمليات العسكرية
للفرنسيين بعد وفاة شارلمان عام 199هـ/814م، وصارت المبادرة بيد المسلمين
فيما يبدو لبعض الوقت( ).
إن التفوق العسكري الإسلامي على حساب الممالك
النصرانية الشمالية( )، جعل النصارى يبحثون عن حافز ديني يدعمهم روحياً في
القتال ضد المسلمين( )، وأستغل الفونسو الثاني 175-227هـ/791-841م، رواية
أحد الرهبان في جليقيةالغربية، زعم أنه رأى في أحد الأماكن نوراً سماوياً
يكشف عن قبر القديس ياقب الرسول وحمل أسقف أيريا الخبر إلى الفونسو، وأمر
أن تبنى فوق هذه البقعة كنيسة( ).وصار قبر القديس ياقب – يعقوب – مكاناً
مقدساً لا يقل عن بيت المقدس وروما، وتحول المكان إلى مدينة واسعة سميت شنت
ياقب المقدسة، وصارت حرب النصارى ضد المسلمين تحمل طابعاً دينياً، ولإقناع
العامة ودفعهم إلى
التصديق بأن القديس يباركهم ويحميهم
وأشار العديد من الحكام والقادة العسكريين، بأنه شاهد سنتياجو، في المعركة
راكباً فرس بيضاء، وبيده سيف براق، يساعدهم في الحرب ضد المسلمين للظفر
بالنصر، حتى أطلقوا عليه تسمية قاتل المسلمين( ). أذن هي دعوة إلى قتال
المسلمين واسترجاع أراضيهم بدعم ديني، أنطلق بتصوير سنتياجو على شكل محارب
يقاتل معهم.
إن تدخل رجال الدين النصارى والبابوية، في صياغة مفهوم
الحرب المقدسة ضد المسلمين لم يظهر عبثاً بل جاء بصورة تدريجية، وأثرت في
الدعوة إليه العمليات العسكرية، في الفتح ونشر الإسلام التي قادها
المسلمون.
على أثر ذلك بدأت فكرة الحرب الدينية تظهر، كوسيلة مجدية في
إيقاف التوسع الإسلامي، وحشد طاقات النصارى في حرب مقدسة، ثم تبلورت هذه
الفكرة على يد الكلونيين، وفتح وليم التقي دوق أكوتين، أول دير كلوني
Cluny، عام 298هـ/910م، وأصبحت مقاطعة برغنديا الفرنسية مقراً رئيسياً إلى
الكلونيين، ودعا هؤلاء إلى دعم الجهد الحربي المناوئ إلى الوجود الإسلامي
في الأندلس( ).
ولما كانت البابوية تهدف من قيام حرب برعايتها وأشرافها،
إلى فرض نفوذها على الأمراء والحكام، وإحراز مركز متقدم لها، بوساطة حرب
مقدسة بقيادتها( ). عمد البابا يوحنا العاشر 302-316هـ/914-928م، بالتعاون
مع الدولة البيزنطية، على تشكيل هيئة موحدة من الأمراء النصارى، في عام
303هـ/915م، عملت على طرد المسلمين من المناطق التي انتزعوها من النصارى،
وشجعت مباركة البابوية هذه على تعاون النصارى لقتالهم( ).

إن هذا
التشجيع من لدن البابوية انعكست آثاره على الأندلس، إذ نشطت الممالك
الأسبانية في قتال المسلمين، ومحاولتها السيطرة على قاعدة الثغر الأعلى
سرقسطة، وكانت هذه العمليات العسكرية في عام 304هـ/916م، إثارة مخاوف
الأمير عبد الرحمن الثالث لأن تحركاتهم العسكرية لم تقتصر على توحيد قواتها
المشتركة بقيادة ليون ونافار بل إنهم حصلوا على دعم أوربي تمثل
بالفرنسيين، الأمر الذي تطلب ردة فعل قوية من المسلمين، فدارت في عام
308هـ/920م، معركة عنيفة ودامية بينهم وبين الأسبان وحلفائهم الفرنسيين
أسفرت عن هزيمة ساحقة للنصارى( ). ولكن لم يلبث الأسبان أن وجدوا في شخص
راميرو قائداً لقيادة حربهم ضد المسلمين، إذ كان حاكماً قوياً في مملكة
ليون، استطاع إعادة التحالف القائم مع نافار، ومما ميز هذا الشخص أنه كان
متعصباً دينياً، وحاقداً على الإسلام والمسلمين، مما جدد الاصطدام العسكري
بين الجانبين، عام 327هـ/938م، انتهى بهزيمة المسلمين، في مكان عند خندق
مدينة شمنقه( ) أو شنت منكش( ). ويبدو أنَّ تجدد العمليات العسكرية في عهد
راميروا كان لها بعدٌ دينيٌ اكثر من كونه توسعاً إقليمياً، لأنه كان له
توجهاً دينياً، بلوره في تعصبه الديني ضد المسلمين.
ومن جانب آخر نظراً
لأهمية ممرات جبال الألب، التي كانت تربط بين فرنسا وإيطاليا، لذلك أصبحت
ساحة للعمليات العسكرية، ومعبراً للقوات الإسلامية المتوجهة إلى مناطق
أوربا سواء، إيطاليا أو فرنسا أو سويسرا، وقد أستغل رجال الدين الكلونيين
سيطرة المسلمين على
هذه الممرات، وتعرضهم إلى قوافل
الحجاج إلى الدعاية والتحريض ضدهم، ولأن المسلمين ظلوا يتحكمون في
المواصلات عبر جبال الألب، لم يكتفِ رجال الدين على التحريض ضدهم، ثم قادوا
المقاومة المسلحة ضدهم، وبرز دور فالتو – رئيس دير سانت غالن عام
343هـ/954م، إلى مجابهتهم، وسلح أتباعه بالحراب والمناجل والفؤوس وأزداد
نشاطهم المسلح ضد المسلمين بعد ان تم اعتقال القديس مايوليوس ورفاقه، عام
363هـ/973م، من قبل المسلمين، ولم يطلق سراحهم إلا مقابل ألف دينار عن
مايوليوس ودينار عن كل واحد من رفاقه، إذ اعتبرت هذه الحادثة إهانة إلى
النصارى، وبالغ فيها رجال الدين، لاستغلالها في دفع اتباعهم إلى مناهضة
المسلمين لذلك دعوا النصارى إلى القيام بواجبهم بتحرير بلادهم من المسلمين،
وقادوا حركة تحررية نجحت في استعادت بعض المناطق، ثم حشدت جموع المقاتلين
من بروفانس ودوفينيه، وكان هدف حملتهم في عام 365هـ/ 975م، السيطرة على حصن
فركسينت الذي يسيطر على المواصلات ما بين شمال إيطاليا وفرنسا وسويسرا،
وحقاً نجحوا
في الاستيلاء على هذا الحصن، وطرد المسلمون
من معقل فرنسي مهم، ومنح الأساقفة الذين اشتركوا في هذه الحملة مساحات
كبيرة من الأراضي التي تم استرجاعها وذلك تعويضاً لهم عن دعمهم إلى المجهود
العسكري( ).
كما شهدت شواطئ البحر المتوسط الغربية تحالف نصراني آخر ضد
مجاهد العامري، حاكم دانية والجزائر الشرقية، والذي عرف بنزعته التوسعية،
فضم سردينيا، عام 406هـ/1015م( )، مما أدى إلى تشكيل تحالف ضده من لدن
المدن الإيطالية جنوا وبيزا، برئاسة البابا بندكت الثامن، ونجح في استعادة
سردينيا، عام 407هـ/1016م، وإخراج مجاهد العامري منها ( ).
ويبدو أن
الأسبان أسهموا في التحالف ممثلين ببرشلونة الواقعة بالقرب من جزيرة
سردينيا، والقريبة من سواحل الجزائر الشرقية، إذ شارك أسطولهم فيه، علماً
أن هنالك سفن نصرانية أخرى أسهمت أيضاً ولكن لم تعرف هويتها( ). وبدا من
ذلك أن الحملة كانت كبيرة وضخمة جداً هدفت إلى توجيه ضربة قاسية إلى مجاهد
العامري إذ وجدوا فيه خطراً يهددهم.
وعلق ابن الخطيب على هذه الحادثة
بقوله (وتداعى عليه ملوك الأرض الكبيرة واستجاشوا. وبلغه من أمرهم ما لا
يطيقه، فعزم على التحول إلى محله، والقفول إلى دار ملكه بدانية وميورقة،
فأعجله العدو عن ذلك، وقطع به. فكانت وقعة شنيعة، وظهور ما سمع بمثله، فقتل
من أصحابه وجنوده عالم لا يحصى وملكوا أسطوله، واستنقذوه، واستولوا على
حريمه، وفيهن نساؤه وبناته…)( ).
كانت فرنسا مقراً مهماً إلى الدعوة
الحربية النصرانية ضد مسلمي الأندلس، وتولى رئاسة النصارى المناهضين إلى
الوجود الإسلامي في الأندلس، الكلونيين، واشتهر دير كلوني برئاسة أوديلو
384-440هـ/994-1048م، ومن بعده هيو 440-503هـ/1048-1109م،
بدراسة
أوضاع الأندلس، وإدارة حرب منظمة ضد مسلميها، وشكلوا حلفاً كبيراً لمحاربة
المسلمين، ضم ممالك ليون وقشتالة، وأختير ملك نافار سانشو – أو شانجه –
غرسيه الثالث 391-426هـ/1000-1034م، لرئاسة هذا الحلف، ثم ضموا إلى حلفهم
وليم دوق غسكونيا( ) (غسقونية)، في حين رفض ملك فرنسا روبرت الثاني
386-423هـ/996-1031م، تقديم المساعدة لهم، على الرغم من أن الأمل الذي عقد
على هذا التجمع لم يحقق الأهداف المطلوبة( )، ولكنه استطاع على أقل تقدير
في قيام توحيد الممالك الشمالية الأسبانية ليون وقشتالة وأرغون ونافار، تحت
قيادة واحدة مثلها سانشو الثالث ) ).
واستمر الدير الكلوني، في دعم
الجهود الرامية إلى طرد المسامين من الأندلس، باستقطاب العناصر ذات القدرة
والكفاية، وأثنى الدير على مساعدة النورمان، إلى كونتية برشلونة، عام
409هـ/1018م، في قتال المسلمين، وصار لهذا الدير في عهد سانسو الثالث
وحلفائه، نفوذاً واسعاً على الكنيسة الأسبانية، بدعم ومباركة دينية، من
البابوية، وانطلاقاً من ذلك لقيت مساعدة حاكم غسقونية سانشووليم، إلى حاكم
نافار، في قتال أمير سرقسطة المسلم ترحيباً( )، ويبدو ان ذلك كان في عهد
الأمير سليمان بن محمد بن هود ( )، حيث استغل غرسيه حاكم نافار خلاف هذا
الأمير مع حاكم طليطلة( )، لتوسيع مملكته، بعد أن وصلت إليه المساعدة
الحربية الخارجية( ). وحفز الدعم الكلوني أيضاً، حاكم برشلونة رامون برنجير
الأول
427-469هـ/1035-076م، إلى العمل على طرد المسلمين باتجاه الجنوب( ).
ومنذ
بداية القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي هاجر العديد من الفرنسيين
من مقاطعات الأكتيان – برغنديا – إلى الأندلس، ووجد الرهبان في الأديرة
الكلونية فرصتهم في حشد الطاقات العسكرية الفرنسية، وحثها على الذهاب إلى
الأندلس لقتال المسلمين، وأخذ المغامرون الفرنسيون يقصدون الأندلس، منذ عام
409هـ/1018م، ومعهم أنصارهم، وكان أغلبهم من أمراء برغنديا، وظل الدعم
العسكري الفرنسي متواصلاً إلى الممالك الشمالية الأسبانية ( ).
والملاحظ
عند النظر إلى العون الفرنسي المقدم إلى النصارى الأسبان، أن إقليم
برغنديا كان في طليعة المساهمين، مما أشار إلى عمق التأثير الديني الكلوني
في هذه المقاطعة، لأنها المقر الرئيس لهم. ويبدو أن هذه الأديرة الكلونية
في فرنسا، وجدت في العمل العسكري في الأندلس، فرصة مناسبة لنشر مبادئها، في
الوقت ذاته كانت البابوية تعمل على إيقاف النزاعات والخصومات بين الأمراء
والحكام، وتوجيه القوة العسكرية النصرانية الأوربية، باتجاه المسلمين، وهو
ما فسر حقيقة استغلال الدعم الروحي والمعنوي إلى الفرسان والأمراء
المغامرين، ولهذا السبب قصد عدد من أمراء برغنديا، الأندلس في عام
425هـ/1033م( ). من جانب آخر شكلت مؤسسات دينية مرتبطة بالنصارى، كان هدفها
معالجة مشكلة النصارى الذين كانوا يقعون في أيدي المسلمين، ولأن العمليات
العسكرية كانت متواصلة بين المسلمين والنصارى في المغرب والأندلس، نجد أنها
تركزت في هاتين المنطقتين، وعلى ما يبدو أنها كانت بإشراف ديني من رجال
الدين النصارى، ومثل على ذلك، أن إيزان رئيس دير أساقفة القديس فيكتور في
مرسيليه، غادر في عام 439هـ/1047م، إلى الأندلس، ودفع أموالاً إلى المسلمين
لإطلاق سراح عدد من الأسرى النصارى الذين وقعوا في أسر المسلمين ( ).
وهكذا
بدأت العمليات العسكرية ضد المسلمين، تأخذ مفهوم الاسترداد، أي استرجاع
الأراضي التي فتحوها المسلمون، وأن جذور تلك السياسة، رجعت إلى حدود منتصف
القرن الثاني الهجري/الثامن الميلادي وبخاصة في جنوب البلاد، حين أستعاد
النصارى الأسبان سيادتهم على (لك) في شمال غربي البلاد، ثم استرقه في شمال
نهر دويرة( ) وسمورة وشلمنقة( )، وابله( )، وزادتهم حماستهم بسقوط طليطلة،
عام 478هـ/1085م –كما سنرى – فكثرت هجماتهم على المسلمين( ). واتخذت هذه
الحركة في فترة حكم فرناندو الأول حاكم ليون وقشتالة 426-458هـ/1034-1065م،
سمة دولية، إذ صارت ذات مفهوم ديني عند الغرب الأوربي، لأنها جهاد مقدس
هدفه ليس حرب المسلمين فقط، بل وطردهم من كافة بلاد الأندلس( )، ومن هذا
المنطلق استولى فرناندو الأول، عام 449هـ/1057م، على مدينة بازو Viseo
جنوبي نهر دويرة، ونكل بأهلها بعد أن قتل وأسر العديد منهم، وسقطت بيده
أيضاً مدينة مليقة الواقعة شمال بازو، وفعل الشيء نفسه بأهلها، وأسكن
الأسبان في المدينتين( ). وأتخذ فرناندو لقب الكبير والإمبراطور تعبيراً عن
نفوذه الواسع على جميع بلاد الأندلس، وبخاصة انه وحد الممالك الأسبانية في
الشمال تحت سلطته( ).
حملت سياسة الاسترداد في طياتها هدفاً آخر غير
الهدف التوسعي، هو أضعاف الجبهة الداخلية للمسلمين، عن طريق أثاره الخلافات
بينهم، ولعبت تركيبة المجتمع الأندلسي دورها في نجاحهم، إذ ضمت فئات عدة،
غير متجانسة، وكان العرب هم الطبقة العليا في المجتمع ومن البربر
والمولدين( ) وصقالبة( ) والمستعربين( )، ومن يقرأ تاريخ الأندلس، يلاحظ أن
الفئات الأربعة الأخيرة، كانت تطمح إلى مرتبة أعلى، وقامت بحركات عدة،
وهنا تكمن خطورة هذه السياسة، في استغلال الفتن والخلافات ضد الحكم
الإسلامي في البلاد. وركزت سياستهم أيضاً على استخدام سياسة البطش والشدة،
والإبادة الجماعية وكانت غايتهم من ذلك، عند سيطرتهم على المناطق
الإسلامية، إنهاك المسلمين بشرياً ومن ثم معنوياً، مما يؤدي إلى شل قدرتهم
القتالية( ).
بدأت البابوية بزيادة تدخلها في شؤون الأندلس، وكان الكرسي
البابوي في روما، يتبع في أسبانيا سياسة الإدماج الديني، إذ أن عملية
الإصلاح الديني في البابوية، استهدفت توحيد
الرئاسة
الدينية، وجمع الكلمة العليا بيد كنيسة روما، وهذا معناه إلغاء الصفة
الاستقلالية لجميع الكنائس التي انفصلت عنها في السابق، وطرحت نظرية الحق
البابوي في الكنائس الواقعة في المناطق المحررة من الأعداء – المسلمين –
ولهذا أمست الأندلس مجالاً إلى النفوذ البابوي، الذي حاول البابا من خلاله
استغلال سلطته الدينية، في توجيه الجماعات الفرنجية لتقديم خدماتها
العسكرية إلى الأسبان في الأندلس، وشجع الرأي المؤيد لروما – مقر الكرسي
البابوي – وأسهم في دعم رأي البابوية في العمل العسكري على حساب كنيسة
أسبانيا المستقلة عنها( ).
كان البابا الإسكندر الثاني 453-466 هـ /1061
-1073 م عازماً بشكل كبير على قيادة العمليات العسكرية ضد المسلمين،
ومحاولة طردهم من البلاد، وخطط من أجل تحقيق غاياته هذه على توثيق صلاته
بالأسبان النصارى كخطوة أولى، ومن ثم الدعوة إلى حرب مقدسة دينية لمناصرتهم
كخطوة ثانية. ولهذا فقد حقق نفوذاً واسعاً في مملكته اراغون، وساهمت هذه
المملكة بدور بارز في عهده في قتال المسلمين، وهو ما جعله يتوقع إلى مد
نفوذه وسلطته إلى مملكة قشتالة، من أجل الإسهام في خطة التدخل العسكري في
الأندلس، والتي خطط لها
في أواخر عهده، ولكن الخلافات الناجمة عن سيادته في بسط نفوذه عليها، أحبط ما عقد عليه
العزم في هذه المملكة( ). وكان من نتائج الدعم البابوي إلى أراغون نشاطها عسكرياً في
قتال المسلمين، ففي عام 455هـ/1063م، هاجم أميرها راميرو الأول Ramiro 1
426-455هـ/1034-1063م،
سرقسطة، مستفيداً من تدهور أوضاع الأندلس في عهد ملوك الطوائف، وانفراط
الوحدة فيها خلال المدة ما بين 422-484هـ/1030-1091م، وأشتبك مع خصومه عند
أسوار جرادوس Gradus، ولكنه هزم وقتل على يد المسلمين، وآثارة حادثة مقتل
راميرو الأول مشاعر النصارى الأوربيين( )، وعمل البابا الإسكندر الثاني على
استغلالها في حشد الطاقات العسكرية، لقتال مسلمي الأندلس وهو ما مهد إلى
حملة بربشتر( ) Berbastro، عام 456هـ/1063م، التي بشر بها البابا، وكانت
غايتها نجدة مملكة نافار ومملكة أراغون في شمال الأندلس، وبخاصة بعد مصرع
حاكم اراغون راميرو الأول، عام 456هـ/1063م، على يد المقتدر بن هود( )
438-474هـ/1046-1081 حاكم سرقسطة، ولا يستبعد ان الهدف كان السيطرة على
الثغر الأعلى القاعدة العسكرية للمسلمين، والتي لعبت دوراً مهماً في
عملياتهم الحربية ضد الممالك الأسبانية الشمالية وحلفائهم الأوربيين( ).
وصار لراميرو، حضوة عند النصارى، حين قتل وهو يقاتل المسلمين، فأستغل
البابا الإسكندر الثاني، هذه الحادثة في إثارة المشاعر الدينية، وصرح
بإعطاء الغفران لكل من قتل في مواجهة عسكرية من أجل الصليب في الأندلس(
).شجع هذا الدعم الديني من البابوية على قيام تحالف كبير أسهم فيه النورمان
من ولاية نورمانديا بالجزء الأكبر من قواته( ). وضم هذا التحالف عناصر
مختلفة معظمهم من فرنسا( )، حتى حددت بعض المصادر التاريخية، عدد القوات
المتحالفة بنحو
أربعين ألف مقاتل( ). وكانت القيادة
العليا في هذه الحملة بيد - البيطبين أو البيطين، وعلى ما يبدو أنه كان
تحريف إلى الاسم الحقيقي لهذا القائد، وهو بلدوين دي فلانس، الذي عهد إليه
الوصاية على الملك الفرنسي فيليب الأول( ). أما عن التشكيلات العسكرية التي
تألفت منها الحملة فهي كما يلي:
1- جيوم دي مونتروي النورمندي حامل
شعار البابوية، وبعث به البابا الإسكندر الثاني على رأس المقاتلين
الإيطاليين، وكان هذا القائد قائداً للجيوش الرومانية والبابوية، وعلى
اتصال وثيق بالكرسي البابوي.
2- النصارى الأسبان، إذ شاركت مملكة أراغون
برئاسة حاكمها سانشو بن راميرو الأول 455-487هـ/1063-1094، ورافقه أيضاً
الكونت أورخيل، ابن شقيق سانشو بن راميرو، وكان قائداً إلى جيش برشلونة.
3- البارون روبرت كرسبين، الذي تولى رئاسة القوات الفرنسية الجنوبية مثل نومانديا واكيتانية.
4- جي جيوفروا قائد مقاتلي بواتية وبوردو( ) (برذيل).
5-
وشارك معهم أيضاً، أبلس كونت روسي وشقيق ملكة أراغون، بجنوده النورمان من
شمال فرنسا، وانحاز إليهم للشد من أزرهم جغري كونت اكيتانيا الفرنسية
والروذمانيين( ).
انطلقت الحملة من فرنسا حيث حشد جيوم دي مونتروي عشرة
آلاف فارس، في ولاية نورمانديا الفرنسية( )، ثم غادرتها إلى برشلونة حيث
انضمت إليها القوات البرشلونية( )، واتجهت بعدها القوات النصرانية
المتحالفة إلى الثغر الأعلى الأندلسي، وقصدت مدينة وشقة( )، التي
تمت
محاصرتها أياماً دون أن يفلح الأعداء في الاستيلاء عليها. مما دفع إلى
تحويل مسارهم شرقاً إلى مدينة بربشتر، وفرض عليها الحصار، في مطلع، سنة
456هـ/1063م( ). وحدثت هذه الحملة في ظل الانقسام الذي ساد الأندلس، وأدت
الخصومات بين الأمراء وملوك
الطوائف في منع تقديم
المساعدة إلى المدينة، وبخاصة الخلاف الذي كان قائم بين المقتدر بن هود
وشقيقه يوسف بن هود الملقب بحسام الدولة( )، وعلى الرغم من التفوق العسكري
لقوات الحملة، إلا أن المحاصرين دافعوا عن مدينتهم، ذات الأسوار المنيعة،
وحدثت الكثير من الاشتباكات العنيفة بينهم وبين المهاجمين، ولمدة أربعين
يوماً، لكن الغزاة لجأوا إلى طريق آخر في مهاجمتهم إلى بربشتر، وهو قطع
الماء عنها، الأمر الذي أثر على الروح المعنوية للمدافعين، فحاولوا عقد
الصلح معهم، والحصول على وعد منهم بعدم معاقبة أهالي المدينة، لكن الغزاة
رفضوا واستولوا عليها بالقوة ( ).
كان سقوط المدينة حادثاً أليماً
شديداً على المسلمين، إذ استباح الغزاة المدينة وقتل العديد من سكانها،
ونهبت أموالها، حتى بلغت أعداد من قتل وأسر بنحو ما بين الخمسين ألفاً إلى
المائة ألف. وأستعمل قائد القوات الغازية المكر والخداع في استدراج
المسلمين للبطش بهم حيث نادى بتأمين من بقي، وأمرهم أن يخرجوا من المدينة،
ثم أمر قواته بقتلهم، إضافة إلى إن العديد من الأهالي لقوا مصرعهم عند
خروجهم من المدينة، قاصدين شرب الماء نتيجة العطش الكبير الذي عانوا منه
خلال فترة الحصار، إذ تدافع الناس جراء الازدحام الحاصل، ومارست القوات
الغازية مذابح كبيرة حتى حصول الأهالي على الأمان( ). وعندما خرجت القوات
الغازية من المدينة حملت معها العديد من الأسرى، وقدرت بعض المصادر عدد
النساء الذين أخذوا أسرى بألف وخمسمائة جارية( ). في حين ذهبت مصادر أخرى
إلى انهم كانوا خمسة آلاف جارية( ). ثم ترك في المدينة حامية عسكرية ضمت،
ألف فارس وأربعة آلاف راجل( )، وهناك من جعل عددهم ما بين ألف وخمسمائة
فارس وألفين راجل( ). وصارت بربشتر تابعة إدارياً إلى مملكة أراغون، وجعل
سانشو بن راميرو الأول على حاميتها العسكرية، ابن أخيه قائداً، وبذلك صارت
أمور المدينة بيد أورخل . لو تتبعنا أعمال السبي وانتهاك الحرمات، وسلب
الأموال، نجد ذلك يتفق مع توجهات البابا الإسكندر الثاني، الذي أكد إلى
نصارى الأندلس في رسالته إليهم، بأن عدوهم المسلمين الذين يجب مقاتلتهم
بمنتهى الشدة والصرامة ( )، ويفهم من ذلك أنها ليست حملة عسكرية فقط بل
كانت حملة هدفت إلى اجتثاث الإسلام والمسلمين من المناطق المفتوحة( ).
وتزامن
ذلك أيضاً، في بروز إحدى الشخصيات المهمة، التي قادت المقاومة الأسبانية،
وهو فرناندو الأول، ملك قشتالة، قد جمع بين التفوق العسكري والتدين، أي كان
من المتدينين، مما أنعكس على تنامي عملياته العسكرية ضد المسلمين،
انطلاقاً من إيمانه العميق بالقتال، الدفاع عن العقيدة النصرانية( ). ولهذا
السبب عمد إلى مهاجمة مناطق سرقسطة( ) وطليطلة وبطليوس( )، منذ عام
442هـ/1050م، واستولى على عدة حصون منها، كما اضطرهم إلى أداء الجزية له(
). وبدت النزعة الدينية ذات الطابع العسكري، متجسدة بشكل واضح في عهد هذا
الملك الأسباني، ومثل اتجاهه هذا خير دليل على الحرب الدينية المقدسة.
ومما
لا ريب فيه، أَنَّ ارتباطه الوثيق بالمؤسسات الدينية، من الأديرة ورجال
الدين، مسؤول إلى حدٍ بعيد عما ميز عهده. واتسمت معاركه ضد المسلمين
بالشدة، ثم كان يبادر إلى منح غنائم معاركه إلى الكنائس والأديرة، وهذا قد
أتى من ارتباطه بصلات متينة مع رجال الدين، إذ امتاز بزيارته المستمرة إلى
دير ساهاجون، وأقامته مع الرهبان فيه، وإلزامه بحضور الصلاة في الكنيسة
الكبرى مع الأحبار، وامتازت علاقاته بالبابوية بأنها وثيقة، وعميقة، إذ كان
من أشد المؤيدين لها، حتى أنه وقف ضد الإمبراطور الألماني هنري الرابع،
عندما حاو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالناصر خليفه

عبدالناصر خليفه


عدد المساهمات : 1401
تاريخ التسجيل : 17/08/2012
العمر : 63

تطور الحركة الصليبية في الغرب الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: تطور الحركة الصليبية في الغرب الإسلامي   تطور الحركة الصليبية في الغرب الإسلامي Emptyالأربعاء 3 أكتوبر 2012 - 16:50

مشكور يا غالي سلمت يداك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بدر




عدد المساهمات : 53
تاريخ التسجيل : 12/02/2013
العمر : 35

تطور الحركة الصليبية في الغرب الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: تطور الحركة الصليبية في الغرب الإسلامي   تطور الحركة الصليبية في الغرب الإسلامي Emptyالثلاثاء 12 فبراير 2013 - 12:11

thnx
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
pop2013




عدد المساهمات : 52
تاريخ التسجيل : 30/08/2013
العمر : 32

تطور الحركة الصليبية في الغرب الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: تطور الحركة الصليبية في الغرب الإسلامي   تطور الحركة الصليبية في الغرب الإسلامي Emptyالسبت 31 أغسطس 2013 - 0:25

ان شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تطور الحركة الصليبية في الغرب الإسلامي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صناعة الإنسان في التصور الإسلامي
» نهاية الحروب الصليبية بالمشرق
» راى علماء الغرب فى محمد (صلى الله علية وسلم)
»  الحركة الدعوية السلفية برفح تدين الهجوم الإرهابي على قوات حرس الحدود
» انتقال الأيتام من الملاجئ إلى أسرة حاضنة يحسِّن تطور المخ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مصراوى سات :: جمهورية مصر العربية :: الحضارة و التاريخ و الجغرافيا-
انتقل الى:  







____________________________________


مصراوى سات
الكنز المصرى الفضائى الذى تم اكتشافه عام 2004 ليتربع على عرش الفضائيات فى العالم العربى